Rasoir

Par défaut

homme_rase_content

                   حنين الإنسان للأشياء ..   إنها آلة للحلاقة

حنيف – نبيه الحسامي

لقد اعتاد الإنسان على ربط الأشياء بالنفس وتشخيصها لتغدو جزءا منه ويتفاعل في علاقته مع الأشياء وخاصة تلك التي يستخدمها في حياتيه اليومية وكان صلة الإنسان بالشي تغدو أبديه فاذا انفصل في تعامله مع الشيء لسبب ما كالضياع او التلف انقطعت تلك العلاقه وبات في حيرة هل للشيء حيزا في ذاته وبات في قلق ؟ لقد انقطع الحوار التفاعلي مع الشيء كمن يفقد محبوبا جامدا  يحزن على غيابه ويفرح اذا ما عاد اليه كباقي الأدوات فهل نتصور يوما ان نفقد  جهاز الخلوي مثلا وان كان جهاز الخليوي لا يقارن بالأشياء الجامدة كالقلم او المفاتيح او الة للحلاقة  فالخليوي هو الجامد  الناطق فان ضاع فقدت خليللا , فعلاقة الإنسان بالشيء تحكمها الديمومة والشيء يذكر قدر استخدامه فاذا تناسينا اشياء وأهملناها نعود بلقائها استحضار ذكريات الماضي وكما قال اناتول فرانس وهو أديب فرنسي  » لو ان الأشياء تتحدث لروت لنا الكثير . »

اليكم قصتي مع آلة للحلاقة ومن منا لا يستخدمها يوميا- أخص بالطبع حصرا الرجال- في حلق الذقون يوميا ولن أتحدث عن نوعها فهي اله ومثلها الكثير يغزو الأسواق وانا دؤوب على حلاقة ذقني منذ بلوغي سن الرشد ومنذ ان نبت شعر ذقني انه عمل روتني يومي تمليه علينا واجبات النظافة والأناقة ..

وهذا امر عادى نكتسبه بالممارسة ولعل ذكريات الطفولة عندما كنت أراقب عما لي اراه في كل في صباح أمام المغسله في لحظات من الحبور والسعادة ليجدد نضارة وجهه ويمسح عن ذقنه تلك الشعيرات ولايحب ان يزاحمه أحد في وقت حلاقة الذقن انه وقت متعة بالنسبة له وكان موظفا ساميا في احدى الوزارات عندما كان الموظف يفخر انه موظف « ميري » في الحكومة يذهب الى عمله على آخر شياكة وهندام فاعتدت على قش ذقني خلال دقائق وبسرعة فائقة حتى في أيام الإجازات انها اله حلاقة من نوع حديث    لن اذكر علامتها حتى لا يظن القارئ اني أروج لدعايتها بل إنها من النوع الممتاز لها نصل مزودج تنساب على الذقن كالمرهم فكانت مريحه وفعاله اشرتيها عام 1986

واني اذكر هذا العام جيدا لاني نقلت على اثرها من عمل خارج القطر الى الإدارة المركزية في دمشق حملتها معي في أسفاري ولم ارض يوما باستبدالها بأحدث منها فكانت رفيقتي وكانت صديقتي مع كل غسيل في الصباح وقد تزودت بنصال ملائمة لها وبكمية لكي لا احتاج للبحث في الأسواق عن النصال وما أكثرها تتغير نماذجها وأشكالها .باستمرار
مرت الأعوام وهذه الأله الخفيفة وهي ليست كهربائية لاتفارقني فهي على درج المغسله حتى ان زوجتي ضاقت زرعا بها وقالت لي مره: » لماذا لا تستبدل تلك الأله اليدويه باله كهربائيه » وهذا لعمري طبع النساء في البحث عن اشياء الرجال قلت لها:  »   لا والله انها رفيقتي كل صباح وأصبحت معتادا على نعومة حلقها وهي تلامس ذقني يوميا كانها تهمس في اذني وتبادرني بتحية الصباح وكانت زوجني تشتري لي معجون الحلاقه وهي سعيده باختيار عطرها لم احب النموذج الكهربائي الحلق الناشف وقد جربته مره ولم انسجم معه . يترك الذقن اكثر حشونه ويحتاج الى مراهم خاصة ان اهتزاز محركها الكهربائي يطن في الأذن واذا نسيت شحنها في سفرك واضطرر ت لها فان قدرتها على شفط الشعر يضعف ولن تكون بديلا عن الآلة اليدوية التي نستخدمها مع الماء والصابون

وخلاصة الحديث استبقيت على ّالتي « الحبيبه » منذ تاريخ شرائها واعتنيت بها كل اعتناء اغسلها بالماء الساخن واضعها في علبتها الخاصه الى ان حدثت معي القصة التاليه مما زادني تعلقا وشغفا بها

كانت  معي بين حاجياتي خلال إجازة قصيره قضيتها في بيت والدي وكان والدي الطاعن بالسن يتباطأ في حلافة ذقنه فلم يرق لي منظره بذقنه التي تطاولت مع الأيام

فقلت له : » تعال يا ابي لاحلق لك ذقنك ونذهب نزهة وانت الأنيق فلا تدعني اراك مستهترا وقد تنامى الشسعر على ذقنك  » وهممت بها فوافق والدي بعد نقاش على ان أحلق له ذقنه بنفسي وامسكت بها واحضرت الماء الساخن وبكل انسياب نظفت الشعر وتركت له أساسا للشارب حيث اصر ان لا امسه بعدها مسحت ذقنه بالكولونيا وبدا جميلا بهيا كما اعرقه

سر والدي لهذه المبادرة من ولده الوحيد وذهبنا في نزهة جميله وقد شعر بالارتياح عدت من الأجازة وشكرت ربي على اني قمت بواجب جديد يمليه طاعة الولد لأبيه   وكم يسر المرى عندما يقدم خدمه لوالده

وضعتها في علبتها وحافظت على رونقها وعند عودتي من الأجازه ه فوجئت صباح اليوم التالي ان ولدي البالغ والذي بدا يحلق ذقنه ايضا قد مد يده على التي ليجيريها وقلت له يابني

اشتري لك  اله حلاقة مثلها قالي لي اني افضل االأله الكهربائية فهي تتواكب مع تقدم العصر وجيل الشباب  كما يرى في دعايات التلفزيون  فاشترى أله كهربائية  ذات المحركات الثلاثه المتعددة الدوران وانفرد بها في مكان آخر على رف مغسله ثانيه

قلت حلت المشكله وهكذا عادت التي استخدمها ينفسي ..

لكن اللأمور لم تبقى على ماعليه كانت زوجتي في كل مره ترى اله الحلاقة تطرق بها على صحن المغسلة طنا منها هي افضل طريقة لتنظيفها من الشعر وكانها تطرق بالمطرقة ولم تجد طريقة افضل من ذلك وكم قلت لها حذار فانك تفسدين مرونتها وتضعها منكّسة الرأس في فنجان كبير ضم صديقتها الفرشاة ومعاجين الحلاقة والأسنان خوفا من ان تجرح يدها فكنت التقطها ساحبا معها مايعلق من اشياء .

وفي ذات صباح وانا احملها سقطت من يدي فوقعت في صحن المغسله وكانت الضربه القاضيه !!!!

واذا بها تنتثر قطعا وطار نصلها وفك حزامها الواقي مع النابض وقفت اتامل هذا المنظر ماذا الم بالأله وقد زعجت كثيرا لما حصل لم ادري كيف حصل لملمت  اجزاء ها بين يدي على منشفه صغيره ورحت الى غرفة اخرى محاولا ترميمها وضبطها كما كانت ولكن يا للخسارة لم انجح بلم شملها وبقيت متناثرة في كل مره كان نابضها بنفر بعيدا واذا ما وجدته لم استطع ضبط حزامها لكن انتهى الأمر يها انطفات شمعاتها  ومصيرها صندوق القمامه .!!!

الة الحلاقه الجميلة و التي احتفظت بها وبكل عنايه لمدة 24 عاما فقدتها فجاة قال لي ولدي: » لانحزن يا والدي سأهديك الة بدلا ا عنها فالسوق مليئة بنماذج حديثه قلت لا اريد الا نفس النوع لاني اشتريت ومنذ سنوات ثلاث علب من النصل الخاصه بها وانا استخدمهم  طوال تلك السنين وشرطي الوحيد ان يتلائم نظام النصلات للأله الجديده ذهبنا السوق لشراء اله اخرى وعنما طلبت من البائع ان يرشدني الى نموذج يتناسب مع شكل وحجم النصال الخاصه قال: » لا اضمن ذلك فجميع الآلات  معلبه ولا نستطيع فتح واحده تشتري وتجرب واذ لم تعجبك فلن ترد ولا تعوض .. حزمت امري انه خيار صعب

وترددت كثيرا امام نماذج مختلفه زرقاء وحمراء وخضراء ووقع اختيار ي على واحده من نفس العائلة مع اضافه لقب جديد على علامتها ى وسارعت خطاي الى المنزل  وكانت مفاجئتي ان نصلها يختلف كليا وليست من نفس النوع الثقيل ذات الحاضن المعدني فالجديده حاضنها بلاستكي  وخفيفه ماذا افعل لقد قبلت بالواقع لتحل الأله الجديده بدلا من تلك التي انتهى عمرها ورحمها الله

قد تقولون قصة بسطيه وهل الة حلاقة تستحق كل هذا البحث اقول ان حنين الإنسان للأشياء كحنينه للأشخاص و اذا اعتاد الأنسان على شيئ شاب عليه كما يقول المثل كالسيار او الدراجة فان فقدانها يترك في نفسك لوعه الحنين وتذكرني قصة فقدان الة الحلاقة قول الشاعر: »

الم ابك من زمن زممت ظروفه   الا بكيت عليه حتى يزول

فالأشياء لها رونقها اذا ما لامست حياتنا وتصبح جزءا منا وهكذا تطور الحياة وفقا لمنطق اقتصاد السوق الذي يتحتم علينا بعد زوال الأشياء ان نبحث عن البدائل ؟؟

واخيرا لقد عرف الأنسان أول اداة للتزيين والحلاقه مصنوعة من أصداف وودع البحار كانت تستخدم لنزع الشعر. وتعد أنصال الصوان،وان أقدم أداة حلاقة تم اكتشافها في التاريخ ويعود ذلك إلى حوالي 3000سنة قبل الميلاد نقلت صورها في النقوش القديمة على الجدران

إلا أنها كانت تتلف بعد عدد من الاستعمالات. ومع تطور الصناعات المعدنية ابتكر قدماء المصريين والهنود أول أداة حلاقة دائمة مصنوعة من النحاس.

وفي العام 1770 قدم الحلاق الفرنسي جين جاك بيرت أطروحة وجهها للرجال شرح لهم فيها كيفية حلاقة ذقونهم بأنفسهم باستخدام أجهزة الحلاقة المختلفة، وأشار للمرة الأولى إلى مفهوم ما يعرف اليوم بالشفرات الآمنة، حيث صمم شفرة على شكل حرف « إل » ولها مقبض خشبي وهو ما نطلق عليه « موس الحلاقة ».

ومن شركة « بالتيمور سيل » حيث كان يعمل مندوباً للمبيعات، طرح كينج كامب جيليت فكرة تصنيع شفرة حلاقة جاهزة للاستخدام في كل وقت. وظل جيليت يحاول تسويق فكرته للممولين والمصنعين في الولايات المتحدة لمدة ست سنوات قبل أن يلتقي بالمهندس وليم نيكرسون ليشكلا معاً فريقاً يعمل على تطوير شفرة الآمان الأولى ذات النصلين والقابلة للاستخدام لمرات عديدة، والتي حصلت على براءة الاختراع الأمريكية لذلك العام. وبلغت مبيعات جيليت في العام 1904 حوالي 90.000 ماكينة حلاقة وأكثر من 123.000 شفرة.

وتطورت المنافسة على صناعة أدوات الحلاقة بعد أن حصل وليمز شوكي على براءة الاختراع الأمريكية لماكينة حلاقة تعمل بمفتاح كهربائي. وقدم جاكوب شيك في العام 1935 أول نموذج ناجح لآلات الحلاقة الكهربائية كما بدأت فيلبس إنتاجها الأول من أدوات الحلاقة الكهربائية في العام 1948. وهكذا تنوعت ادوات الحلاقه   ولااعلم اذا كان العصر الألكتروني الذي نعيش قيه قد يطالعنا بالأله التي تصدر الصوت او تعزف الموسيقى ومن يعش يرى !!!!

نبيه الحسامي – جنيف في 28 كانون الثاني 2010