Preuve – الرهان

Par défaut

gage

             الرهان

في صباح اليوم الثالث هدأ البحر وخرج المسافرون حتى التعبين منهم الذين لم نرهم مثذ يوم ابحارها ‘ ليتوجهوا الى سطح السفينة وجلسوا هناك ووجوههم نحو شمس يناير الشاحبة .

كانت الرحلة قاسية للغاية في اليومين الاولين الى أن حل الهدوء ورافقه الشعور بالراحة جعل ركاب السفينة أكثر تقربّا . ومع اقتراب المساء كان قد قضى المسافرون لاكثر من أثنى عشره ساعة في جو جميل وبدؤوا يشعرون بالقوة ….. في تمام الثامنة من تلك الليلة كانت غرفة العشاء مليئة بالناس يأكلون ويشربون مع البحارة . ظهرت ملامح الثقة والخبرة عليهم … وما كادوا لينتهوا من تناول الوجبة ‘ ما كانت الحركة الانسيابية لاجسادهم على مقاعدهم الا دليل على أن السفينة قد بدأت تدور ثانية … لطيفة في البداية ‘ بطيئة ‘ متكاسلة تتكئ على طرف ومن ثم على الاخر مما يكفي للضياع المفاجئ لاصوات المرح في الغرفة … وبعضا من المسافرين ينظرون من خلال أطباقهم وبانتظار لا يخلو من التنصت والترقب للاجواء المرحة … مبتسمين بعصبية ‘ ونظرات الخوف في عيونهم … بعضهم هادئ للغاية وبعضهم الاخر راض تماما وعلى الملاْ ‘ يجعل من الطعام والطقس موضوع نكات لكي يظهر المفارقات مع أولئك الذين بدؤوا يشعرون الملل والتعب .

 

وبدأت تتسارع حركة السفينة شيئا فشيئا وقد تلاحظ قوتها بعد خمس أو ستة دقائق فقط من دورانها وهي تتبختر وبثقل من جانب الى اخر . .. وهنا جاءت لحظة دورانها السيئة …. والسيد بوتيبول عند طاولة المحاسبة ليرى طبق السمك ينزلق فجأة تاركا الشوكة بعيدا .. وكل منهم الان يحمل طبقا وكأسا من الخمر والسيدة رينشو جالسة عند الميمنة من طاولة المحاسبة أطلقت صرخة وأمسكت بذراع الرجل المهذب …

 

 » ستكون ليلة قاسية  » قال المحاسب وهو ينظر الى السيدة رينشو  » أظن أنها العاصفة لا بد أ تية سنعيش ليلة قاسية  » كلامه يتخلله شيء من المرح ‘ تابع أغلب المسافرين طعامهم ‘ وقلة منهم بما فيهم السيد رينشو توقفوا ومشوا بين الطاولات الى الباب الخارجي محاولين اخفاء الهلع الذي تملّكهم .

 

 » حسنا ‘ سنذهب  » قال المحاسب ثم نظر حوله باستحسان الى المتبقين من المسافرين الجالسين بهدوء وعلى وجوههم يظهر بجلاء الفخر بأنهم الرحالة المتميزيين .

 

قدمت القهوة بعد الانتهاء من تناول الطعام وقد كان السيد بوتيبول على غير عادته ‘ جديا وتعتريه ربما المخاوف مذ بدأت السفينة دورانها ‘ توقف فجأة حاملا فنجانا من القهوة ومتوجها الى مكان السيده رينشو الفارغ بجانب المحاسب .. جلس فوق كرسيها فورا متكأ هامسا بأذن المحاسب  » اعذرني .. هل لك أن تخبرني من فضلك ؟  » انحنى المحاسب ليصغي  » ما المشكل يا سيد بوتيبول ؟  » المحاسب صغير … بدين ما ئل وجهه الى الحمرة .

ـــ  » ما أريد معرفته هو التالي :  » ويبدو على الرجل القلق والمحاسب يرقبه ‘  » هل حسب قائد السفينة توقعاته جيدا قبل البدء بالرحلة انك على علم أن هناك تنافسّية ؟ .. أود القول هل كان قد تصرف كذلك من قبل لتغدو بهذه الصرامة ؟  »

أجاب المحاسب بصوت منخفض كما الهمس  » عليّ توقع ذلك … نعم  »

ــ أي فترة مضت فعل كذلك ؟  »

ـــ  » فترة قريبة هذا المساء .. انه غالبا ما يعّد لذلك مساء . »

ـــ  » أي وقت ؟ »

ــ  » أه لا أعلم … حوالي الساعة الرابعة على ما أذكر  »

ـ  » أود معرفة شيء أخر .. كيف يعين قائد السفينة الرقم ؟ هل يأخذ الكثير من الاخذ والرد ليقرر ذلك ؟  »

 

نظر المحاسب الى وجه السيد بوتيبول ‘المضطرب ‘مبتسما متفهما لما يود معرفته .

 

 » حسنا … تعلم أن لقائد السفينة مقابلة مع العناصر الاخرى وسيدرسون حالة الطقس السيء وامور أخرى ‘ وبعدها يتوصلون الى توقعاتهم . »

 

فكر السيد بوتيبول مليّا بجوابه ومن ثم قال : » هل تتوقع بأنه يعلم بقدوم الطقس السيء اليوم ؟  »

ــ  » لا أستطيع الرد  » أجاب المحاسب ‘ كان ينظر في العينيين السوداويين الصغيرتيين ويلحظ الاهتمام والفضول يتراقصن وسطهما .. « حقا ‘ لآ أستطيع الرد ‘ لا يمكنني معرفة ذلك يا سيد بوتيبول .  »

 

 

ــ  » اذا ما ساء الحال عما هو عليه ‘ لربما يستحق شراء بعضا من (الارقام المتدنية )ما توقعاتك ؟ وكان الهمس ضروريا حينها والقلق يزداد …

ــ  » ربما سيكون  » أجاب المحاسب  » أخشى أن يكون قائد السفينة السبب بمرور ليلة قاسية . كان هدوءا تاما بعد الظهيرة ‘ عندما أعطى توقعاته « . صمت الاخرون عند الطاولة محاولين سماع ماكان يقوله المحاسب .

ــ  » والان … افترض أنه سمح لك بشراء رقم ‘ أيهم تختار اليوم ؟  » سأل السيد بونيبول .

ــ  » لا أعلم لا مجال للاختيار  » أجاب المحاسب بتؤدة

ــ  » لم أعلن مجال الاختيار حتى تظهر اللوائح بعد العشاء ‘ ولعلمك اني لست جيدا بهذه الامور ‘ على كل حال ‘ اني المحاسب وتعرف ذلك .  »

وعندها توقف السيد بوتيبول وقال :  » اعذروني يا سادة  » .. ومشى بتأن بعيدا بين الطاولات وللمرة الثانية عليه أن يحتل مكانه على كرسيّ قيادة السفينة . وعندما خطى الى ظهر السفينة شعر تماما بقوة الريح أمسك بالذراع وبثبات بكلتا يديه ‘ ووقف ينظر الى عتمة البحر ‘ حيث موجات البحر الكبيرة ترتفع عاليا …

 

ــ  » الوضع سيء تماما هناك ‘ أليس كذلك ؟  » قالها خادم المقهى وهو بطريق عودته للداخل . كان السيد بوتيبول يسرح شعره للوراء بذلك المشط الاحمر الصغير . .. وسأله  » هل تعتقد بأننا تبطئنا عن الاخرين بسبب سوء الحالة الجوية ؟ »

ــ  » نعم ياسيدي ‘ تبطئنا لدرجة كبيرة مذ بدأت الرحلة … عليك ان تبطء في حالة كهذه والا ستقلب السفينة بالمسافرين !

 

وفي الطابق الادنى للسفينة وبالضبط الفرفة التي لا يسمح فيها التدخين ‘ تجمع الناس لحضور المزاد العلني

متوزعين بأدب حول الطاولات … ويظهر الرجال منحبسين في لباس السهرة تزينه قرنفلة على احدى جوانبه ويتأبط كل منهم ذراع حسناء بيضاء .أخذ السيد بوتيبول كرسيا قرب طاولة المزاد مصالبا ساقيه ومرخيا ذراعيه , اعتلى مكانه وبمظهر ذلك الرجل صاحب القرار الهام ورافضا لاْي من المخاوف .

 

كان يقول لنفسه … ربما سيحصّل الرابح على 70.000 من الدولارات . .. وهذا على الاغلب مجموع النقود تماما في اليومين الاخيريين للمزاد . ومع الارقام المباعة حوالي 300ـالى 400 لكل منها ‘ وبما أن السفينة بريطانية ستكون عملة المزاد الجنيه لكن يفضل حساباته في الدولار كما اعتاد التداول . ان سبعة الاف دولار تساوي الكثير من النقود ‘ نعم … بالتأكيد كان ذلك ! سيحدد الدفع فئة مائة دولار وسيملآ جيب جاكيته ليخرج بهم من السفينة . لا يوجد مشكل ‘ سيشتري سيارة فور خروجه من السفينة ليقودها الى المنزل حتى يرى السعادة على وجه ايثل   ….. عندما ستراها أمام الباب . ألن يكون ذلك رائعا ؟ رؤوية وجهها عندما يقود السيارة الجديدة الى أمام الباب؟ وسيقول مرحباعزيزتي ايثل . لقد استريت لك هدية ‘ وجدتها في واجهة العرض بينما كنت في تلك النواحي … لهذا فكرت فيك وكم كنت دائما تودين اقتناء واحدة ! هل تعجبك ياعزيزتي ؟ هل أعجبك اللون ؟ ومن ثم سيرقب علائم وجهها …

 

وها هو الان بائع المزاد يقف خلف طاولته مناديا  » أيها السيدات والسادة  »

 

 » لقد نجح تخمين قائد السفينة اليوم الماضي ‘ وبنهاية منتصف نهار الغد ‘ خمس مائه وخمس عشرة ميل وكالمعتاد سنأخذ عشرة أرقام من كل طرف لنحسب المعدل وذلك يعني من خمس مائه وخمسة الىخمس وعشرين . وبالطبع لؤلئك الذين يظنون أن الرقم الفعلي لايزال بعيدا سيكون هناك ( حقل للمبيعات ادنى ) واخر ( اعلى ) وكل على حدا . والان سنتوصل لاخراج الرقم الاول من القبعة , هيا … نحن هنا خمس مائة واثنى عشرة ؟  »

 

ساد الصمت المكان ‘ والناس لا يزالون في أماكنهم والعيون ترقب المزاد العلني . كان هناك شيء من الضغط في هواء البهو وكلما ازداد سعر العرض كلما زاد هذا الضغط . لم يكن ذلك لعبا أو مزاحا . يمكنك التأكد من ذلك بالنظرات التي يوجهها كل منهم للاخر عند ارتفاع العرض … ربما ابتسامة ولكنها ارتسمت على الشفاه ,لكن بقي الذكاء يلمع في العيون وببرود كامل .

 

 

 

بيع الرقم خمس مائه واثنى عشرة بقيمة مائه وعشرة جنيهات والارقام الثلاثة والاربعة التي تليها بيعت بحوالي نفس القيمة … كانت السفينة تجوب بثقل ويمسك المسافرين بمقاعدهم طالما متركز انتباههم على المزاد العلني . « ( الحقل الادنى ) » نادى بائع المزاد  » الرقم التالي في ( الحقل الادنى )  » .

 

جلس السيد بوتيبول مشدود الانتباه ‘ قد قرر الانتظار حتى ينهي الاخرون ما عندهم من عروض وبعدها سيقدم عرضه الاخير .

 

لقد أجرى حساباته فعليه أن يحتفظ بخمس مائة دولار في حسابه البنكي وعلى الاغلب ربما ستة مائه ‘ كان حسابه حوالي مائتي جنيه وما فوق . وهذه البطاقة لن تكلف أكثر من هذه القيمة .

ــ  » كما تعلمون جميعا  » قال بائع المزاد  » يغطي الحقل الادنى معدل أصغر الارقام .. وفي هذه الحالة ‘ كل رقم تحت خمس مائه وخمسه , لذا , ان كنت تعتقد بان السفينة سوف تغطي أكثر من خمس مائه وخمسه أميال في أربع وعشرين ساعة لنهاية فترة ظهيرة اليوم التالي ‘ عليك شراء هذه القسيمة . فما هي عروضك ؟ وارتفع العرض ووصلت قيمة القسيمة الى مائة وثلاثون جنيها . ولحظ أخرون بجانب السيد بوتيبول زيادة قسوة الطقس ‘ مائه واربعون … مائه وخمسون ..وهنا توقف المزاد . وانتظرالبائع ليرفع المطرقة .

 

ــ  » توصلنا الى مائة وخمسون . »

ــ نادى السيد بوتيبول  » ستون ! وكل من الحضور استدار لينظر اليه .  » سبعون ! » ..  » ثمانون  » نادى أيضا   ..  » تسعون ! »

ــ  » مائتي  » نادى السيد بوتيبول .. لن نتوقف الان ليست لاحد !

 

وبعد وقفه ..  » هل من عروض من فضلك ؟ توصلنا الى مائتي جنيه  » . قال لنفسه اجلس ولا تنظر الى اعلى من ذلك ‘ اجلس مكانك وخذ نفس . انه سوء طالع ما ارتفع عن ذلك ‘ لن يتقدم أحدهم بعرض أعلى اذا ما أخذت نفسا .

ــ  » من أجل مائتي جنيه  » احتبس السيد بوتيبول أنفاسه .  » سنذهب… سنذهب.. ذهبنا  » وضرب بمطرقته على الطاولة.